عندما يتم اصطياد الحيوانات البرية ووضعها في أقفاص بحديقة الحيوان، فإنها تحاول فعل كل ما في وسعها للخروج من القفص. قد يعض الحيوان الأسير القفص، وقد يجري باتجاهه بأقصى سرعة لفتحه عنوة، وقد ينشب مخالبه وأنيابه فيه لكسره. محاولات الحيوان لكسر القفص والخروج من الأسر ربما تستمر لأسابيع وحتى لأشهر. وأثناء ذلك لا يوفر أية فرصة سانحة كي يحرر نفسه. ولكن بعد أن يقضي الحيوان بضع سنوات في الأسر، فإنه يفقد رغبته في أن يصبح حرا. وحتى لو تُرك باب القفص مفتوحا كي يتمكن من الفرار، فإن الحيوان لا يهرب. انه حتى لا يحاول الهرب، لأنه يكون قد تكيف مع الوضع الجديد الذي أصبح مريحا بالنسبة له وتخلى عن غريزته التي تقول له إنه يمكن أن يكون حرا مرة أخرى. هل تشعر أنت انك مثل حيوان بري في قفص؟ هل فقدت المبادرة لتحقيق النجاح وجعل الأشياء الجيدة تحدث في حياتك؟ ربما تعتقد أن ماضيك يدل على مستقبلك، وأن قدَرَك أن تظل حبيس سجنك. وقد تعتقد أنه لمجرد أنك لم تكن ناجحا في هذا العمل أو ذاك فإنك لن تكون ناجحا أبدا في أي عمل آخر وأنك يجب أن تتقبل قدرك باستسلام. إن الاعتقاد أن مستقبلك مرهون بماضيك هو شرَك يجب ألا تقع فيه. مثل هذه الفكرة هي في الواقع مصيدة لأحلامك. عليك أن تؤمن أن كل شيء يمكنك أن تتخيله يمكن أن يحدث، وأن واقعك يكمن في المكان الذي تريد أن تكون فيه. وعليك أيضا أن تتخلى عن فكرة أن ما يمكن أن تفعله له حدود لا يمكن تجاوزها. فحدود إنجازاتك لا يضعها لك الآخرون وإنما أنت الذي تقررها بنفسك. في كثير من الأحيان لا تكون الأمور بالصعوبة التي تبدو عليها. وهذا ينطبق أيضا على الطريقة التي عشت بها حياتك منذ اليوم الذي ولدت فيه وحتى هذه اللحظة. تستيقظ كل صباح وتقوم بما تقوم به منذ سنوات. ومع مرور الأيام تتشكل لديك منظومة من المعتقدات، كأن تضع لنفسك حدودا تجعلها مقياسا لما تستطيع وما لا تستطيع تحقيقه. الآخرون أيضا يقولون لك ما يمكنك وما لا يمكنك فعله. لكن لا تنسى أن معظم الناس لا يهمهم أن تنهار أحلامك. وحسنو النية منهم يريدونك أن تفعل ما يظنون أنه الأفضل لك. وأحيانا قد يعمدون إلى التقليل من أهمية أحلامك حتى من دون أن يدركوا ذلك. ولكن تذكر أن أحلامك هي ملكك لوحدك. أحلامك هي ما يعرفه وما يشعر به قلبك، ولا يهم ما يقوله لك الآخرون. في إحدى الليالي، قصد أحد الكتاب شاطئ البحر، ومشى هناك أميالا كتب خلالها بضع قصائد بلا معنى تقريبا. وكان أثناء ذلك يبحث من دون كلل عن شخص ما رائع يخرج من الظلام ليغير حياته. ولم يخطر بباله أن ذلك الشخص يمكن أن يكون هو بالذات. إننا إن لم نتغير فإننا لا ننمو. وإذا لم ننمو فإننا لن نعيش حياة حقيقية. وتغيير حياتنا هو أول خطوة للخروج من القفص. تغيير الحياة هو عملية مستمرة ولا تنتهي أبدا. في اللحظة التي تتوقف فيها عن التغيير، فإنك تتوقف عن النمو. إننا لا نعرف كل شيء عن تغيير الحياة. فما زلنا جميعا نتعلم. لكن هناك بضع نصائح يمكن أن تساعدنا على أن نغير حياتنا.. أولا: لا تسرع الخطى. فلكي تغير حياتك فإنك تحتاج وقتا للتفكير والتأمل. إن كنت مشغولا دائما، فلن يتوفر لديك الوقت الكافي للتفكير في حياتك، ناهيك عن أن تأخذ قرارا بتغييرها. لذا تمهل قليلا كي تفسح المجال للتغيير. تمهل واستمتع بالحياة. والأمر لا يتعلق فقط بالمنظر الذي فاتتك رؤيته بالأمس لأنك كنت مسرعا، وإنما أيضا في حقيقة أنك فقدت الإحساس بالمكان الذي كنت ذاهبا إليه والسبب في انك ذهبت إلى هناك. ثانيا: كن راغبا في التغيير. الرغبة أمر ضروري. إنها حياتك، ولا أحد يستطيع تغييرها سواك. وإذا لم تكن راغبا في التغيير فإنه لا شيء في هذا العالم يمكن أن يجعلك تتغير. الرغبة في التغيير تتطلب منك أولا أن تدرك أن حياتك يمكن أن تكون أفضل مما هي عليه الآن. ومهما كانت حياتك جيدة اليوم فإنها يمكن أن تصبح أفضل غدا. ولا يجب أن تشعر باليأس إن كانت حياتك لا تبدو جيدة الآن. فأنت تستطيع دائما أن تغير حياتك إلى الأفضل. ثالثا: اقبل المسؤولية. قبول المسؤولية عن حياتك أمر لا بد منه. لا تلم الآخرين على الأشياء السيئة التي تقع في حياتك. لا تلم عائلتك وأصدقائك أو رئيسك أو الاقتصاد. طبيعة الحياة التي تعيشها، سواءً كانت جيدة أو رديئة، تعتمد عليك أنت وحدك. وعندما تتحمل المسؤولية، فإن التغيير الحقيقي في حياتك يصبح في متناول يدك. إننا نصبح أكثر فاعلية على الفور عندما نقرر تغيير أنفسنا بدلا من أن نطلب من الظروف أن تتغير من أجلنا. رابعا: ابحث عن قيمك العميقة. في أعماق قلبك، هناك بعض المبادئ التي تعرف أنها صحيحة. خذ من الوقت ما يكفي كي تعثر عليها. ما الذي تعتقد أنه الشيء الأكثر قيمة في الحياة؟ ما هي المبادئ التي تعتقد أنك يجب أن تتبعها كي تعيش حياة مثمرة وثرية؟ هذه هي القيم التي تحتاج لأن تتواءم معها. حاول أن تجدها وان تذكر نفسك بها باستمرار. خامسا: اخلق لنفسك واقعا جديدا. يمكنك أن تخلق لك واقعا جديدا وأن تجعل أحلامك تتحقق. والأمر متروك لك. البدء من جديد هو أحد أفضل الأشياء التي يمكن القيام بها في حياتنا. انظر إلى نفسك كما كنت في أسعد وأقوى حالاتك في الماضي. ابدأ في تذكر الأشياء المفيدة. تذكر كيف كنت تبدو طبيعيا عندما كنت طفلا. ابدأ في نسيان الأثقال التي ظللت تحملها فوق ظهرك لسنوات: المشاكل التي لم تعد مهمة الآن، والمخاوف التي ستنقضي وتتلاشى بعيدا عما قريب. إننا نثقل على أنفسنا عندما نتمسك بأشياء تسبب لنا قدرا كبيرا من التوتر والألم والمعاناة، مع أننا لو تخلينا عنها لأصبحت حياتنا أكثر بساطة وسعادة ولساعدنا ذلك على إحداث التغيير المنشود في حياتنا. أولا: تخل عن حاجتك لأن تكون دائما على حق. الكثيرون منا لا يمكن أن يتحملوا فكرة أن يكونوا مخطئين. يريدون أن يكونوا دائما على حق، حتى عندما يكون ثمن ذلك المخاطرة بإنهاء علاقة مهمة أو التسبب بقدر كبير من التوتر والألم لأنفسهم وللآخرين. والمسألة لا تستحق كل هذا العناء. كلما شعرت بحاجة ماسة للقتال مع الآخرين حول من يكون على حق ومن يكون على خطأ، فاسأل نفسك هذا السؤال: هل ثمة فرق بين إن كنت على حق أم على خطأ، أم أن الأنا بداخلك متضخمة ومهمة إلى هذا الحد؟ هل من الأفضل أن تكون على حق دائما أم أن تكون ودودا ومراعيا للآخرين؟ يقول الحكيم الصيني لاو تسو: "لا يفوز في هذا العالم إلا أولئك الذين يدعون الأمور تمضي في طريقها". ثانيا: تخل عن اللوم. توقف عن لوم الآخرين على ما لديك أو ما ليس لديك، أو على ما تشعر به أو لا تشعر. توقف عن تبديد قواك في ما لا طائل من ورائه وابدأ بتحمل المسؤولية عن حياتك. ثالثا: تخل عن عادة إلحاق الهزيمة بنفسك. كم عدد الأشخاص الذين يؤذون أنفسهم بسبب عقليتهم المهزومة والسلبية؟ لا تصدق كل شيء يقوله لك عقلك، لا سيما إن كان سلبيا وهادما للذات. أنت أفضل من ذلك بكثير. العقل أداة ممتازة إذا ما استخدم بشكل صحيح. لكنه يصبح مدمرا للغاية إن استخدم بطريقة خاطئة. رابعا: تخل عن قناعاتك التي تقيدك. قناعاتك تقول لك ما يمكنك القيام به وما لا يمكنك، ما هو ممكن أو مستحيل. ومن الآن فصاعدا، لا تسمح لقناعاتك المقيدة أن تبقيك مسجونا في المكان الخطأ. افرد جناحيك وطِر! في غالب الأحيان، القناعات ليست أفكارا يتبناها العقل، بل قيودا تشل العقل وتكبله. خامسا: توقف عن حاجتك المستمرة للشكوى من الأشياء والناس والحالات والأحداث التي تجعلك حزينا أو غير سعيد. لا أحد ولا شيء يمكنه أن يجعلك تعيسا ما لم تسمح له أنت بذلك. لا تقلل أبدا من قوة وأثر التفكير الإيجابي على حياتك. سادسا: تخل عن ترف انتقاد الآخرين المختلفين عنك. فنحن جميعا مختلفون، ومع ذلك نحن متشابهون بدرجة أو بأخرى. إننا جميعا نريد أن نكون سعداء، وأن نحب ونُحَب، وأن يفهمنا الآخرون. سابعا: تخل عن محاولاتك الدائمة في أن تكون إنسانا مختلفا لمجرد أنك تريد إرضاء الآخرين. الأمور لا تعمل بهذه الطريقة. في اللحظة التي تتوقف فيها عن محاولة أن تكون شيئا ما مختلفا عن طبيعتك الأصلية، وفي اللحظة التي تزيل فيها جميع الأقنعة وترميها بعيدا، وفي اللحظة التي تقبل فيها نفسك وتحتضن شخصيتك الحقيقية، ستجد أن الآخرين بدأوا ينجذبون إليك. ثامنا: تخل عن الماضي. صحيح أنه من الصعب علينا أن ننسى الماضي، خاصة عندما يكون الماضي أفضل من الحاضر وعندما يكون المستقبل أكثر إثارة للخوف من الحاضر. لكن يجب أن تأخذ في حسبانك أن لحظات الحاضر هي كل ما لديك الآن. الماضي الذي تتوق إليه والذي تحلم به الآن انقضى ولن يعود ثانيةً. وفي النهاية، تذكر أن الحياة رحلة وليست وجهة نهائية. حاول أن تمتلك رؤية واضحة للمستقبل، وأعد نفسك جيدا، وكن دائما حاضرا في اللحظة التي أنت فيها الآن. تاسعا: توقف عن محاولة إرضاء توقعات الآخرين. الكثير من الناس يعيشون حياة ليست لهم. إنهم يعيشون وفقا لما يرى الآخرون، آباؤهم أو أصدقاؤهم أو معلموهم، أنه الأفضل بالنسبة لهم. هؤلاء يتجاهلون صوتهم الداخلي. إنهم مشغولون للغاية بالارتقاء إلى مستوى توقعات الآخرين وبجعل الجميع مسرورين منهم، لدرجة أنهم يفقدون السيطرة على حياتهم الخاصة. إنهم ينسون ما يجعلهم سعداء، وما الذي يريدونه، وما الذي يحتاجون إليه، وفي نهاية المطاف ينسون أنفسهم. إن لديك حياة واحدة ينبغي أن تعيشها وأن تملكها. فلا تدع آراء الآخرين تصرف انتباهك عن طريقك الخاص.
|